.....كان كل شيئ في الشارع ساكنا ، فقد انسحبت السيارة المصفحة بسرعة الى ما فوق الجسر ، بينما كان راس رجل الرشاش يتدلى بلا حياة فوق البرج... وجثة المراة لا تزال ترقد ساكنة في الخندق .
ورقد القناص مدة طويلة وهو يعالج ذراعه الجريحة ، ويخطط للهرب ، اذ لا يجب ان يطلع الصباح عليه وهو على السطح جريحا. ولكن كيف السبيل الى ذلك والعدو على السطح الاخر يرقب تحركه ؟ لابد اذا من قتل ذلك العدو ، ولكنه لا يستطيع استعمال بندقيته . ليس امامه الا ان يستعمل المسدس.
وكر في خطة.
نزع قبعته عن راسه ، ووضعها فوق فوهة بندقيته ، ثم دفع البندقية ببطا الى اعلى فوق الجدار ، حتى اصبحت القبعة مرئية من الجانب المقابل . و في الحال دوت طلقة نارية ، واخترقت رصاصة القبعة ، فامال القناص البندقية الى الامام حتى انزلقت القبعة الى الافسل ... الى الشارع . ثم امسك البندقية من وسطها ، وطوح بها بيده اليسرى فوق السطح وتركها معلقة بلا حراك وبعد لحظات قليلة ترك البندقية تسقط الى الشارع ، ثم هبط الى السطح وهو يجر يده .
زحف بسرعة الى اليسار واخذ يطلع من زاوية السطح . لقد نجحت حيلته ، فما هو ذا الاخر وقد راى القبعة والبندقية تسقطان قد ظن بانه قد صرع غريمه ، فهو يقف الان امام المدخنة ينظر عبر الشارع ، وقد بدت بوضوح معالم راسه السوداء مقابل السماء الغربية . فابتسم القناص ، ورفع مسدسه فوق حافة جدار السطح .
كانت المسافة حوالي خمسين ياردة وهي بالتاكيد طلقة صعبة في الضوء المعتم ، بالاضافة الى كون ذراعه تؤلمه الا انه تماسك واتخذ وضع تصويب ثابت ، وارتجفت يده وهو يتحرق شوقا للاطلاق ، فظغط على شفاهه ، واخذ نفسا عميقا ... ثم اطلق النار . وكاد صوت الطلقة ان يصم سمعه ، واهتزت ذراعه مع الارتداد .
وعندما انقشع الدخان ، وتطلع الى الجهة المقابلة ... اطلق صيحة فرح ! فقد اصيب غريمه .. كان يترنح فوق جدار السطح وهو في نزع الموت . كان يناضل ليثبت قدميه ، ولكنه كان يسقط بالتدرج الى الامام ، وكانه حلم . فسقطت البندقية من يده ، واصطدمت بجدار السطح ، وسقطت فوق حانوت الحلاق الذي يقع تحته ، ثم قرقعت فوق ارض الرصيف .
وحدث بعد ذلك ان انهار جسد الرجل المحتضر ، وسقط الى الامام ، وتقلب جسده اثناء سقوطه ثم اصطدم بالارض بصوت بليد كئيب ... ثم رقد ساكنا .
نظر القناص الى سقوط غريمه ... وارتعد . لقد ماتت في نفسه فجاة شهوة القتال ، وغدا فريسة لتانيب الضمير ، فتفصدت حبات العرق على جبينه.
ونظرا لضعفه الناشئ عن جرحه ، وعن صيامه وترقبه على السطح ، طيلة يوم صيف طويل ، قفد ثار لدى رايتة الكومة المهشمة لغريمه الميت . فاصطكت اسنانه وشرع يغمغم ... يلعن الحرب ... ويلعن نفسه !
نظر الى المسدس الذي يمسك به وما زال الدخان يتصاعد منه ، وقذف به الى السطح عند موطئ قدميه . فانطلق المسدس وازت الرصاصة بالقرب من راسه ، فاعادته الصدمة ثانية الى حواسه ، فثبتت اعصابه ، وانقشعت عن عقله سحابة الخوف.... فضحك .
اخرج قارورة الويكسي من جيبه ، وافرغها في جوفه دفعة واحدة وتولاه تحت تاثير الشراب شعور بالطيش ، فقرر ان يترك السطح حالا وان يبحث عن قائد فرقته ليبلغه بالامر . كان كل ما حوله ساكنا، ولم يكن ثمة خطر من اجتياز الشوارع التقط مسدسه ووضعه في جيبه ثم زحف الى اسفل البيت ... وعلى هدوء السماء ...
وعندما وصل القناص الى الدرب المحاذي لمستوى الشارع ، شعر بحب استطلاع مفاجئ لمعرفة هوية غريمه الذي صرعه لقد قرر انه رام ماهر كائنا من كان . وتسائل عما ذا كان يعرفه ... ربما كان في نفس فرقته قبل حدوث الانشقاق في الجيش ! وقرر ان يغامر بالتوجه نحوه ، لالقاء نظرة عليه . فتطلع حول المنعطف في شارع اكونيل . بينما كان هناك قصف شديد في الجزء العلوي من الشارع ... كان كل شيئ هادئ ... هادئ .
اندفع القناص عبر الشارع . فمزق سيل من الرصاص المنهمر الارض حوله ولكنه هرب . ورمى نفسه ارضا الى جانب الجثة !جثة غريمه! وتوقف الرشاش ...
ثم استدار القناص فوق راس الجسد الميت ... ونظر في وجهه ... فاذا هو وجه.... اخيه !!!!!!!!!!!!
اتمنى تكون عجبتكم القصة وانتظر استنتاجاتكم وارائكم
مواقع النشر (المفضلة)